recent
أخبار

نص مارتن هيدغر تهديد الغير



نص مارتن هيدغر تهديد الغير


إنجاز: ذ. هشام عزيزي


إن التباعد باعتباره خاصية مميزة للوجود – مع – الغير، يلزم عنه أن الموجود – هنا يجد نفسه داخل وجود- مشترك يومي تحت قبضة الغير. إن الموجود – هنا، باعتباره وجودا فرديا خاصا، لا يكون مطابقا لذاته، عندما يوجد على نمط الوجود – مع- الغير، لأن الآخرين أفرغوه من كينونته الخاصة.

فإمكانيات الوجود اليومية للموجود هنا، توجد تحت رحمة الغير. فالغير في هذه الحالة ليس أحدا متعينا، بل على العكس من ذلك، بإمكان أي كان أن يمثله، فما يهم هو هذه الهيمنة الخفية التي يمارسها الغير على الوجود-هنا عندما يوجد مع الغير. فالذات نفسها عندما تنتمي إلى الغير تقوي بذلك من سلطته.

إن " الآخرين "، الذين نسميهم بهذا الاسم لإخفاء أننا ننتمي إليهم بشكل أساسي، هم الذين يوجدون منذ الوهلة الأولى، و في الغالب، و في الحياة المشتركة على نمط " الموجود-هنا".

في استعمالنا لوسائل النقل العمومية، أو في استفادتنا من الخدمات الإعلامية ( قراءة الصحف مثلا )، نجد أن كل واحد منا يشبه الآخر. فهذا الوجود- المشترك يذيب كليا الموجود – هنا، الذي هو وجودي الخاص، في نمط وجود الغير، بحيث يجعل الآخرين يختفون أكثر فأكثر و يفقدون ما يميزهم و ما ينفردون به. عن وضعية اللامبالاة و اللاتمييز التي يفرضها الوجود -مع- الغير، تسمح للضمير المبني للمجهول " on" أن يطور خاصيته الديكتاتورية التي تميزه.

إننا نتسلى و نلهو كما يتسلى " الناس " و يلهون، و نقرأ الكتب و نشاهد الأفلام، و نحكم على الأعمال الأدبية و الفنية كما يقرأ الناس و يشاهدون الأفلام و يحكمون على الأعمال الأدبية، و ننعزل عن الحشود كما ينعزل الناس عنها و نعتبر فضيحة ما يعتبره الناس كذلك ( ...)

يمكن أن نقول : لقد أريد هذا، كما يمكن أن نقول لا أحد أراد هذا فيصبح كل واحد هو آخر، و لا أحد هو هو ، إن المجهول الذي يجيب عن سؤال من هذا الموجود- هنا ليس شخصا متعينا، إنه لا أحد.

مارتن هيدغر، الوجود و الزمن، الترجمة الفرنسية لبويم دي ويلهانس، غاليمار،

1964،ص: 158-160.

تعريف بصاحب النص :

مارتن هيدغر[1] فيلسوف ألماني ، اهتم فيه بمفهوم الوجود إلا أن سنة 1930 شكلت ما سمي بالمنعطف في حياة هيدغر حيث توجه إلى الاهتمام باللغة والانكباب على النصوص التاريخية وكذا الرجوع إلى فكر فلاسفة ما قبل سقراط وخصوصا هيلدرلين كما أعاد التفكير في الفكر الأوروبي ووضع

من أهم مؤلفاته : الوجود و الزمن1927 ، الوجود و الزمن1927 ، دروب مُوصَدة (1950) ؛ ما الذي يُسَمَّى فكراً (1954) ؛ المفاهيم الأساسية في الميتافيزيقا (1961) ؛ نداء الحقيقة؛ في ماهية الحرية الإنسانية (1982) ؛ نيتشه. (1983)

إشكال النص :

Ø هل يشكل وجود الغير ضرورة بالنسبة للشخص أم تهديدا لوجوده ؟

الأفكار الأساسية:

Ø يرى هيدغر أن الوجود في العالم ومع الآخرين أي أن نمط الوجود مع الغير يفرغ الشخص من كينونته وهويته الخاصة.

Ø يؤكد هيدغر أن الغير يمارس هيمنة خفية على الموجود هنا أي على الوجود الفردي.

أطروحة النص :

ü يرى هيدغر أن الوجود المشترك مع الآخرين يذيب كليا الموجود هنا أي انه يذيب الوجود الفردي الخاص ويساهم بالتالي في فقدان الشخص لهويته الفردية.

الأساليب الحجاجية :

اعتمد هيدغر مجموعة من الأساليب الحجاجية للدفاع عن الفكرة القائلة بان وجود الغير تهديدا لوجود الذات ، نذكر منها :

 أسلوب التفسير: ويتمثل ذلك في "إن الموجود – هنا، باعتباره وجودا فرديا خاصا... إن الآخرين الذين نسميهم بهذا الاسم… ".
 أسلوب المثال: ويتجلى ذلك في " استعمالنا لوسائل النقل العمومية، أو في استفادتنا من الخدمات الإعلامية ( قراءة الصحف مثلا ...( ".

استنتاج :

يرى هيدغر أن نمط الوجود مع الغير يفقد الموجود هنا ــــ الوجود الفردي ـــ لهويته الخاصة بل إن ''الآخرين أفرغوه من كينونته الخاصة''. كما يساهم ذلك في تلاشي مفهوم الغير فيصبح '' الغير في هذه الحالة ليس أحدا متعينا'' و من ثمة هيمنة الغير الخفية على الوجود الفردي. و من مظاهر اختفاء الوجود الفردي الخاص هو '' استعمالنا لوسائل النقل العمومية، أو في استفادتنا من الخدمات الإعلامية ( قراءة الصحف مثلا )'' إذ يغدو الحديث ممكنا عن التطابق بين أفكار كل من الشخص والغير بل ''نجد أن كل واحد منا يشبه الآخر. فهذا الوجود المشترك يذيب كليا الموجود – هنا، الذي هو وجودي الخاص ''.

[1] - Martin Heidegger (1889 - 1976).
google-playkhamsatmostaqltradent