recent
أخبار

نص غاستون باشلار : العلم والرأي

 انجاز ذ. هشام عزيزي


يتعارض العلم، من حيث حاجته إلى الاكتمال و من حيث المبدأ، تماما مع الرأي. و إذا حصل له أن منح الشرعية للرأي بصدد نقطة خاصة، فذلك لأسباب غير الأسباب التي يتأسس عليها الرأي . إن الرأي من الناحية النظرية دائما على خطا.

و الرأي تفكير سيء ، بل إن الرأي لا يفكر البتة. فهو يترجم الحجات إلى معارف و بتعيين الأشياء حسب فائدتها، يمتنع عن معرفتها. لا يمكن تأسيس أي شيء على الرأي، بل ينبغي هدمه. فالرأي هو أول عائق يلزمنا تخطيه. و لا يكفي، على سبيل المثال، تصحيح الرأي في جوانب خاصة والاحتفاظ بمعرفة عامية مؤقتة بوصفها نوعا من الأخلاق المؤقتة.

إن الفكر العلمي يمنعنا من تكوين رأي حول قضايا لا نفهمها، و حول أسئلة لا نحسن صياغتها بوضوح، إذ ينبغي، قبل كل شيء، أن نعرف جيدا كيف نطرح المشاكل. ومهما قيل، داخل الحياة العلمية، فان المشاكل لا تطرح تلقائيا.

إن معنى المشكلة بالضبط هو ما يمنح العلامة الدالة على التفكير العلمي الصحيح. و بالنسبة للفكر العلمي تعتبر كل معرفة جوابا عن سؤال، و إن لم يكن من ثمة سؤال، فمن غير الممكن قيام أية "معرفة علمية" .لا شيء يحدث تلقائيا، لا شيء يعطى، كل شيء يبنى.

غاستون باشلار، تكون الفكر العلمي، ڨران، 1980، ص 14.

تعريف بصاحب النص :
 غاستون باشلار[1] إبستيمولوجي فرنسي من أهم مؤلفاته : الفكر العلمي الجديد 1934، تكون الفكر العلمي 1938 ، المادية العقلانية 1953.

إشكال النص :
إذا كانت الحقيقة هي مطابقة الفكر لموضوعه أو مطابقة الحكم للواقع، فما نوع العلاقة القائمة بين الحقيقة والرأي ؟ بتعبير آخر هل هي علاقة تكامل واتصال أم علاقة تعارض وانفصال ؟

الأفكار الأساسية:
 يؤكد باشلار أن الرأي عائق معرفي يجب تخطيه.
 يعتبر باشلار أن الرأي تفكير سيء ينبغي هدمه لأنه يترجم الحاجات إلى معارف.

 يرى باشلار أن الرأي معطى جاهز ومن ثمة فهو يتعارض مع الحقيقة التي تبنى عن طريق العقل.

أطروحة النص :
 يتعارض الرأي باعتباره معطى جاهز مع الحقيقة التي تبنى عن طريق العقل مما جعل باشلار يعتبره عائقا ابستيمولوجيا في بناء المعرفة العلمية.

الأساليب الحجاجية :

اعتمد باشلار مجموعة من الأساليب الحجاجية للدفاع عن الفكرة القائلة بان هناك حوارا جدليا بين العقل والتجربة في بناء المعرفة العلمية ، نذكر منها:
 أسلوب التأكيد '' إن الرأي من الناحية النظرية دائما على خطأ... ''.
 أسلوب التفسير ويتجلى ذلك في '' والرأي تفكير سيء، بل إن الرأي ... فهو يترجم الحاجات إلى معارف…''.
 أسلوب النقد ويتمثل ذلك في '' لا يمكن تأسيس أي شيء على الرأي، بل ينبغي هدمه …''.

استنتاج :


يذهب غاستون باشلار إلى تأكيد أطروحة مفادها أن هناك تعارضا بين الحقيقة والرأي، كما يعتبر أن الرأي عائقا معرفيا يحول دون بلوغ الحقيقة ولذلك يجب تخطيه، ذلك أن الرأي تفكير سيء، بل انه لا يفكر لأنه يترجم الحاجات إلى معارف، كما أن الرأي معطى جاهز في مقابل الحقيقة التي تبنى عن طريق العقل. نخلص إذن إلى أن الرأي باعتباره معطى جاهزا يتعارض مع الحقيقة التي تبنى عن طريق العقل، وهذا ما جعل باشلار يعتبر أن الرأي عائقا ابستيمولوجيا في بناء المعرفة العلمية. 



[1] - Gaston Bachelard (1884-1962).
google-playkhamsatmostaqltradent