recent
أخبار

مفهوم الغير


مفهوم الغير
انجاز ذ. هشام عزيزة
تقديم :
على مستوى الدلالة اللغوية يشير لفظ الغير إلى الأخر، إلا أن الآخر مفهوم عام يشمل الكائنات العاقلة والكائنات المحرومة من العقل أو الموضوعات، أما الغير فمفهوم خاص بالذات الإنسانية، وهو اسم مفرد لجمع أغيار ويعني الآخر من الناس، أما على مستوى الدلالة اللاتينية فلفظ  Autrui في اللسان الفرنسي يرجع في أصله اللاتيني إلى كلمة  alter ego أي أنا آخر، ويعني كما جاء في معجم روبير ”الغير  هم الآخرون من الناس بوجه عام “.
أما من حيث الدلالة الفلسفية فيشير الغير كما جاء في معجم أندري لالاند A. Lalande “الغير هو أنا آخر، منظورا إليه ليس بوصفه موضوعا، بل بوصفه أنا آخر” أي ذات بشرية.
المحور الأول: وجود الغير

إشكال المحور: هل يشكل وجود الغير ضرورة بالنسبة للشخص أم تهديدا لوجوده؟
موقف مارتن هيدغر: وجود الغير تهديد لوجود الأنا

يرى هيدغر أن نمط الوجود مع الغير يفقد الموجود هنا ــــ الوجود الفردي ـــ لهويته الخاصة بل إن ''الآخرين أفرغوه من كينونته الخاصة''. كما يساهم ذلك في تلاشي مفهوم الغير فيصبح '' الغير في هذه الحالة ليس أحدا متعينا'' ومن ثمة هيمنة الغير الخفية على الوجود الفردي. ومن مظاهر اختفاء الوجود الفردي الخاص هو '' استعمالنا لوسائل النقل العمومية، أو في استفادتنا من الخدمات الإعلامية (قراءة الصحف مثلا)'' إذ يغدو الحديث ممكنا عن التطابق بين أفكار كل من الشخص والغير بل ''نجد أن كل واحد منا يشبه الآخر. فهذا الوجود المشترك يذيب كليا الموجود – هنا، الذي هو وجودي الخاص ''.
موقف جون بول سارتر: وجود الغير ضروري بالنسبة للأنا ومعرفته لذاته

ينطلق سارتر من مثال الخجل كضرب من ضروب خجل الذات أمام الآخر، اذ يعتبر أن ''الخجل في تركيبه الأول هو خجل أمام شخص ما''، وبهذا المعنى يكون وجود الغير ضروريا بالنسبة للذات ومعرفته لذاته، إنه -الغير -بعبارة سارترهو الوسيط الذي لا غنى عنه بيني وبين نفسي ، فالشخص يتصرف بعفوية وتلقائية عندما يكون لوحده، لكن ها أنذا أرفع رأسي فجأة، وكأن هناك أحدا رآني، وأتحقق من كل ما في حركتي من سوقية فاخجل. مما يعني أن الخجل في نظره هو خجل من الذات أمام الغير، وبظهور الغير، أصبح في مقدوري أن أصدر حكما على نفسي كما أصدره على موضوع ما.

المحور الثاني: معرفة الغير
إشكال المحور: إذا كان الغير هو الأخر من الناس فهل معرفة الغير ممكنة أم مستحيلة؟ وإذا كانت ممكنة فهل هي معرفة يقينية أم أنها مجرد معرفة تخمينية افتراضية؟

موقف نيكولا مالبرانش: معرفة الغير مجرد معرفة تخمينية

أكد نيكولا مالبرانش في مؤلف له بعنوان ‘’ في البحث عن الحقيقة ‘’ أن معرفة الغير مجرد معرفة تخمينية، إذ استهل نيكولا مالبرانش نصه بأن معرفة نفوس الناس الآخرين أو عقولهم الخاصة مجرد معرفة افتراضية، كما اعتبر أننا لا نعرف الغير لا من خلال الذات ولا من خلال الأفكار وأخيرا لا يمكن أن نعرفه عن طريق الوعي وقد نتوهم أننا نستطيع معرفته، ويرجع هذا الاعتقاد الوهمي إلى أننا نعتبر ''أن ما نشعر به بداخلنا هو ما يشعرون به ''.
م

تعليقات

هشام عزيزي

google-playkhamsatmostaqltradent