recent
أخبار

نص جون بول سارتر : الإنسان مشروع


انجاز ذ. هشام عزيزي

الإنسان ليس قبل كل شيء، إلا مشروعا يعيش بذاته و لذاته. و هذا المشروع سابق في وجوده لكل ما عداه... فالإنسان هو ما شرع في أن يكون، لا ما أراد أن يكون. لان المعنى العادي للإرادة هو كل ما كان قرارا واعيا،و هو بذلك لاحق بوجوده لقرار سبقه. فانا أستطيع أن أريد الانتساب لأحد الأحزاب، أو أريد تأليف كتاب أو أريد الزواج، و كل ذلك ليس إلا مظهرا من مظاهر اختيار أصلي أكثر بساطة و أكثر طبيعية مما نسميه إرادة.

فإذا كان الوجود يسبق حقيقة الجوهر فالإنسان إذن مسؤول عما هو كائن. فأول ما تسعى إليه الوجودية هي أن تضع الإنسان بوجه حقيقته، و أن تحمله بالتالي المسؤولية الكاملة لوجوده.

و عندما نقول إن الإنسان مسؤول عن نفسه لا نعني أن الإنسان مسؤول عن وجوده الفردي فحسب بل هو بالحقيقة مسؤول عن جميع الناس و كل البشر. إن لكلمة "ذاتية" معنيين إن أعداءنا يسيئون استعمال هاتين المعنيين عن قصد، إن كلمة "ذاتية" تعني من جهة أولى : انتقاء الفرد بنفسه و من جهة أخرى تعني : استحالة تامة تواجه الإنسان إذا أراد أن يتعدى ذاتيته. و إن المعنى الأخير هو المعنى العميق الذي تعتمده الوجودية...

عندما نقول إن الإنسان يختار نفسه نعني بالتالي أن الإنسان الذي يختار نفسه إنما يختار تبعا لذلك جميع البشر. و في الواقع إن كل عمل يقوم به يخلق الرجل الذي يريده و يخلق بنفس الوقت الرجل الذي نرغب في أن نكونه. فإذا اختار الإنسان أن يكون معينا فهو بذلك يؤكد قيمة اختياره، لأنه لا نستطيع أبدا أن نحتار الشر. إن ما نختاره لا يكون إلا الخير، و لا خير في نظرنا إذا لم يكن خيرا للجميع.

فإذا كان الوجود يسبق الجوهر، و إذا كنا نريد أن نوجد بنفس الوقت الذي نعدل فيه من شكلنا و صورة وجوده، فان هذه الصورة الخاصة بنا تصبح منطبقة على الجميع و منطبقة على عصرنا بكليته. و هكذا تصبح مسؤوليتنا أكثر بكثير مما نستطيع أن نفترضه لأنها في الواقع تجر الإنسان لان يتحمل الإنسانية بأجمعها.

جون بول سارتر، الوجودية نزعة إنسانية، ترجمة كمال الحاج، مكتبة الحياة، بيروت، بدون تاريخ، ص ص.45-47.

إشكال النص :
كيف يتحدد الوجود الإنساني ؟ بتعبير آخر هل الشخص ذات حرة أم كيان خاضع لاشتراطات و اكراهات خارجية ؟

الأفكار الأساسية:

  1. يؤكد سارتر أن الإنسان ليس إلا مشروعا يعيش بذاته ولذاته و ما دام الإنسان مشروعا فهو حر في أفعاله و سلوكاته.
  2. يعتبر سارتر أن الوجود سابق عن الماهية مما يعني أن الإنسان حر عن أفعاله و مسؤول عن كل ما يصدر عنه.
  3. إذا كان الإنسان حرا في اختيار أفعاله و مسؤولا عنها، فإن المسؤولية لا تقتصر على وجوده الفردي وإنما تتجاوز ذلك إلى الوجود الجماعي.

أطروحة النص :

يعتبر سارتر أن الشخص حر في أفعاله وسلوكاته، وحريته هذه تجعله مسؤولا عن كل ما يصدر عنه.

الأساليب الحجاجية :

اعتمد سارتر مجموعة من الأساليب الحجاجية للدفاع عن الفكرة القائلة بحرية الإنسان في اختيار أفعاله، نذكر منها :

أسلوب التعريف: '' الإنسان ليس قبل كل شيء إلا مشروعا...''.

أسلوب المثال: '' فانا أستطيع أن أريد الانتساب لأحد الأحزاب أو أريد تأليف كتاب أو أريد الزواج...''.

استنتاج :

تنبني وجودية سارتر على مقولة أن الوجود سابق عن الماهية مما يضفي طابع الحرية على السلوك الإنساني، فالإنسان إذن حر في أفعاله وسلوكاته إلا أن هذه الحرية مسؤولة، ولا تقتصر المسؤولية على الوجود الفردي فحسب بل تتجاوز ذلك إلى الإنسانية جمعاء، مما يطبع مسؤولية سارتر بالازدواجية فهو مسؤول عن وجوده الفردي أولا وعن الوجود الجماعي ثانيا '' و هكذا تصبح مسؤوليتنا أكثر بكثير مما نستطيع أن نفترضه لأنها في الواقع تجر الإنسان لان يتحمل الإنسانية بأجمعها ''.
google-playkhamsatmostaqltradent